ما هو دور اختلاف الرأي في إثراء الفكر

دور اختلاف الرأي في إثراء الفكر.

 

لا يكاد يخلو أي حوار بين الأشخاص من الاختلاف في الرأي، وهو ليس فقط بين الأفراد، بل يكون أيضاً بين الكيانات مثل: الدول والشركات والمنظمات؛ فهو يعد سمة من سمات الحياة، يبقى ما بقيت، ويدوم ما دامت.

نشأة الاختلاف في الرأي:

تُـعد الأفكار هي السبب الرئيسي في وجود الاختلاف نظراً لتعددها في عقول الأشخاص المتحاورين، وكل النتائج التي يتم الوصول إليها في أي موضوع هي عبارة عن أفكار وخواطر مختلفة أو مؤتلفة بين الأفراد، ويتم استغلال هذه الأفكار في الوصول إلى أفضل حل لمشكلة معينة أو أفضل نتيجة ممكنة، وهذا هو التفكير المعتدل.

الاختلاف وإثراء الفكر والحوار:

يساهم تعدد البيئات والثقافات والحضارات للأشخاص في نشأة أكبر عدد من الأفكار الجديدة والمختلفة داخل أي حوار ونقاش، وهذا يؤدي بدوره إلى أكبر فائدة علمية أو معرفية يمكن تحصيلها من قبل الأفراد والاستفادة منها لصالح موضوع الحوار، ويكمن أن ينتهي الحوار بأكبر عدد من النتائج المفيدة التي يمكن تطبيقها والعمل بها، وليس نتيجة واحدة فقط كما يتصور البعض.

وفي نهاية الحوار يجب تجنب الأفكار والنتائج السلبية التي تضر ولا تنفع، وينبغي الاكتفاء بالنتائج الإيجابية؛ لأن هذا يساعد في التعاون بين الناس، ويخلق بينهم نوعاً من الود والتقدير، ويوسس لثقة عالية فيما بينهم، ويشجع على الحوار والاختلاف الإيجابي.

“الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”

خاصة عندما يكون دون تعصب وتشدد وتجاوز؛ فإنه إن لم يؤدِ إلى توافق وائتلاف فسوف يحفظ الاحترام المتبادل بين الأفراد، ولن ينتهيَ إلا بفائدة معلوماتية لكلا الطرفين المتحاورين؛ لأن كلا الطرفين لديهما عدة أفكار، فعندما يقوم أحد الأفراد بطرح فكرته فإن الفرد الآخر يستفيد منها على الفور، بمعنى أنه إذا كان لدينا شخصان وكل واحد منهما يمتلك فكرة ما، وقام بطرحها وتبادلها مع الآخر؛ فهذا يعني أن كل واحد منهما أصبح لديه فكرتان، وإذن الحوار يؤدي لإثراء الفكر والمعلومات.

تلك الأفكار المتبادلة تساهم في حل مشاكل أخرى بخلاف المشكلة التي يتم التحاور عليها؛ فقد يأخذ الفرد من أخيه المتحاور معه فكرة أثناء تحاورهما، وتلك الفكرة تساعده في تخطيه لمشكلة ما خاصة به، ولا ننسى أن تعدد الأفكار وتجددها يعد تغذيةً للعقول وتنويراً لها.

كيفية التعامل مع الاختلاف في الرأي:

توجد عدة طرق للتعامل مع الاختلاف في الرأي، أبرزها ما يأتي:

  • الإيجابية في الحوار والنقاش؛ لأن الإيجابية في الكلام هي الطريقة الفضلى التي تحتم الوصول إلى النتائج المرجوة والأهداف المنشودة، وتقارب وجهات النظر، ولا ينتهي الحوار بإيجابية إلا وقد أثمر عن نتائج مرضية وحلول مناسبة.
  • الابتعاد عن التعصب، خصوصاً التعصب الأعمى، الذي يؤدي للجمود الفكري، والتمسك بالرأي الشخصي، وعدم المرونة، وحب انتصار النفس على الطرف الآخر.
  • تقبل الرأي الآخر والنقد البناء والاستماع الجيد لكلام الآخر وعدم التسفيه منه، والمناقشة بأساليب تتسم بالأدب والأخلاق، وعدم اللجوء إلى العنف أو البذاءة عند تبين خطأك الفكري.
  • عدم الخروج عن الحوار الإيجابي، والالتزام به، والتمسك بالاحترام المتبادل، وعدم الاستفزاز للطرف الآخر.
  • المرونة والتراجع، يجب أن يتحلى الفرد المتحاور بالمرونة في الرأي، أي أنه يقبل التراجع عن رأيه إن تبين له خطؤه، ولا يتمسك به رغبة في الانتصار لنفسه على حساب الآخر، وينبغي العلم أن هذا الأسلوب لن يفيد شيئاً في الحوار ويجعله كأنه لم يكن.
  • تجنب الخلافات الشخصية عند النقاش؛ فإن كان بينك وبين الذي تحاوره أي خلاف شخصي فإنه يجب ألا يؤثر ذلك بأي شكل من الأشكال على الحوار؛ لأن هذا سيفقد للحوار قيمته.

السعة في الاختلاف في الرأي:

من الجيد أن نعرف أنه لا توجد مسألة أو حوار دون خلاف حتى وإن بدا ذلك، وقديماً قال فقهاء الإسلام إن في الاختلاف رحمة؛ لأن في الاختلاف في الرأي تعدد للفتاوى فكل إنسان يأخذ بما يناسبه، ولو لم يكن الاختلاف لقلت الفتاوى ولضاق الأمر على الناس.

دور المنطق في الاختلاف:

إن أفضل طريق للتدليل على صحة الرأي هي استخدام المنطق والتفكير السليم، والبحث عن الأدلة والبراهين، وتجنب الكلام المرسل المحشو دون فائدة أو قيمة، وعدم التمسك بالكلام إن لم يوجد عليه دليل.

ويجب على الفرد أن يقوم بدراسة فكرته جيداً على أسس منطقية، والتأكد من سلامتها وصحتها، وذلك قبل طرحها للمناقشة أمام الناس.

وفي الأخير يجب أن نعلم أن التراجع سمة من سمات ذوي الأخلاق العالية، والاعتراف بجهل شيء ما يعد قوة ويكسب الإنسان الصدق والاحترام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك لاستخدام خدمات الموقع قم بإيقاف مانع الاعلانات